الألعاب والصرخات الكشفية
إننا نعلم بالبديهية بأن النفس من طبعها الملل, وأنها ترغب دوماً في كل جديد ينسيها مراحل أعمالها الأولى, ولذا نقول بأن فقدان الألعاب أثناء قيامنا بتعاليمنا الجديدة هو من أكثر الأمور بعثاً للضجر. وإن الألعاب والصرخات المنظمة هي سر كشفية صحيحة مجدية. ونؤكد أن التعاليم تصبح بدونها جافة ومملة, ولهذا تمسي النتائج التي نتوخاها جد سيئة، إذ تتفشى السآمة في النفوس ويهيمن الكسل ومن ثم يشل العمل ويعم الارتباك وتسود الفوضى ــ فمن أجل بعث النشاط والاندفاع بهمة نحو الأعمال يجب أن يكون التدريس بواسطة الألعاب لتضمن السرعة في العمل واشتمال النظام على كل ذلك ــ فعمم هذه الأساليب في مناهجك لتصل إلى هدفك المنشود.
ولئن كانت تعاليمك التي تلقنها أفرادك لا تتفق وأساليب الألعاب فاترك مجالاً لصرخات وألعاب لدى كل اجتماع تعقده لتتمكن من ضبط النظام في الأوقات الباقية فاختر لهم مثلاً لعبة ملك القصر, أو صيد الدب, أو حرب الديكة, أو أية لعبة من هذا القبيل. ثم إن الرقصة القومية للهنود الحمر أو قبائل (الزولو) مع صرخاتها (طم طم) ممتازة فتخيرها لهم إن شئت.
ولئن أنت فقدت الصرخات المنتظمة فيمكن أن تقصد من يهتمون بذلك ليؤلفوا لك صرخة في مدى خمس دقائق وتؤكد أنك ناجح في ذلك. وإن عند إعطائك الأفراد إشارة (دوماً مستعد) جرب أن يقوم الكشافون بتمارين عسكرية مدة دقيقتين حتى يعود النظام ــ بعد اللعبة أو الصيحة ــ وليكن باستطاعتك استئناف العمل, وانك حين تدعو (مستعد) اطلب النظام عند الجميع دون هوادة.
في أوقات الفراغ:
يجب على كل عريف طليعة أن تكون بحوزته دائماً اثنتا عشرة لعبة (غير كشفية) يعتمدها لدى كل تمرين أو حين تكون جماعة من أفراده في انتظار قدوم الآخرين لمباشرة الاجتماع مثلاً, وإزاء ذلك نرى العريف يحتاج إلى قائمة مطولة ليتمكن من تغيير وتنويع الألعاب. لهذا وجب تسجيلها لأن تذكرها قد يصعب عليه كثيراً من الأحيان.
وإن من هذه الألعاب ما نراه مختلفاً فهذه مدرسية وهذه لفصل الشتاء ومنها ما جعل للقيام به داخل النادي، ولكي يتمكن العريف من هذا كله يمكنه أن يراجع (ألعاب الكشافة) للورد بادن باول، ويتحتم علينا أن لا نفرط عقد اجتماع ما قبل أن يؤدي الكشافون لعبة مسلية مرغبة، إذ إن هذا يعيد إليهم سابق نشاطهم ويدفعهم إلى التعلق بأعمالهم. وإنه لمن المقرر بان الفرقة أو الطليعة التي تمارس ألعابها أكثر الأحيان بجد وإتقان هي لا بد منتجة وعاملة أكثر من غيرها. وتسميها الفرقة الحية بأفرادها الذين يتنافسون لجعلها متميزة فاضلة.
الأناشيد والقصص:
إن بعض الفرق تخصص عادة ليلة من كل أسبوع للأناشيد والقصص وكثيراً ما يكون وجود هاتين المادتين ضمن منهاج الاجتماعات العادية خيراً من جعل وقت خاص بهما إذ أنهما إذا ما تخللا سويعات العمل عملا طرد السآمة من نفوس العاملين.
ومن الغريب أن نلاحظ بان فريقا كبيرا من الكشافين لا يستظهرون الأناشيد كاملة كما يجب, وهم أكثر ما يحفظون "لازمه" النشيد فقط. وإن أنجع الطرق لاستيعاب كل أناشيدنا في صدورنا هو أن يكون لكل كشاف دفتر يدون فيه كلماتها و يطلب أيضا أن يكون للفرقة دفتر يجمع بين دفتيه الأناشيد واللحن "النوط".
ولابد أننا ندرك بان تهيئة سهره غنائيه ساحره للطليعة أسهل بكثير من تهيئة سهرة من هذا القبيل للفرقة بكاملها لما يتطلبه العمل هنا من جهد وكبير عناية. ويجب ألا يقل عدد هذه السهرات عند الفرقة والطليعة عن واحد في الشهر إذ يحضر كل فرد إلى مكان الاجتماع المعين يحمل عشاءه لتمضية سمر ممتع في الهواء الطلق أو حول نار المخيم حيث نرى الجميع بعد تناول الطعام ينشدون والغبطة تعمر قلوبهم.
وإنا لننصح كل كشاف خجول أن يرسل نفسه على سجيتها بين رفاقه بان يرفع عقيرته منشدا كغيره لأنه لا يلبث أن يعتاد ذلك أمام الناس, وبفضل هذا يقضي على عادة لا تليق بالكشاف الذي يؤهل ذاته ليصبح جريئا ونافعا. وما أجمل أن نعرف لوازم الأناشيد لنهيئ الجماعة لإنشادها مضبوطة اللحن صحيحة النغم. وإن الطريقة التي تجعل الأناشيد التي يتلقنها الأفراد حديثا هو ترديدها من وقت لآخر لتصبح في النهاية عندهم متمركزة سليمة من الخطأ.
القصص:
نرى بعض الكشافين يتقنون سرد الأقاصيص والسير, فلندع هؤلاء إلى حلقات الأنس والسمر أو الوقت المناسب لنستمع إليهم ونفيد مما يقصون. ولا بأس من أن ندعو جماعة غرباء عن الحركة ممن اشتهروا بمغامراتهم حتى تكونت عندهم خبره واسعة. إن هؤلاء سيسردون علينا من غريب الحوادث والتجارب أمورا لم يسبق لنا أن تمرسنا بها في مراحل أعمارنا أو اتفق أن وقعت لنا أخبار المسافرين والمغامرين ترينا كيف نطبق تعاليم حركتنا عمليا وأنه ليولد في أرواحنا عزما ربما لم نعهده من قبل وقد يحبب إلينا حتى أخطر ما يمكن أن يصادفه رحاله أو إنسان قادته الظروف إلى مواطن الصعاب مكرها أو مختارا. ويحسن بالعريف أن يقرأ على أفراده حينا بعد بابا من كتاب حوى شيئا من هذا الضرب الذي نشير إليه, وليكن ذلك منه مثلا قبل عقد اجتماع الفرقة والطليعة.
الألعاب في الهواء الطلق:
هذا موضوع صعب المسلك, وقد نحتاج لتفصيله إلى كتاب كامل وإن ألعابنا كثيرا ما تكون خطأ لأننا لا نتتبع معها أساليب التدرج, وقد لا ننكر بأننا حين نمارسها نشعر فينا بنشاط عجيب. ولكن إذ ما أردنا تتبع الأصول كان علينا أن نبتدئ بتطبيق المبادئ الأولى للمراقبة والزحف وبعض الألعاب البسيطة المدرجة في كتاب "الكشفية للفتيان".
ويجدر بنا أن لا نتعرض للألعاب الكبيرة إلا حين نتأكد من قدرتنا عليها بعد أن نكون قد نجحنا في إتقان ما هو أكثر سهوله منها.