النظام داخل الطليعة الكشفية
هذا موضوع يوصلنا إلى الكيفية التي نتبعها في تثقيف الطليعة فيجب أولا أن نولي وجهنا نحو منهاج موحد متقن الوضع فيصل القائد إلى مكان الاجتماع المعين قبل دقائق ليعد المواد ويهيئ الجو اللائق به. وعلى العرفاء ألا يتأخروا أو يتغيبوا عن اجتماع ما، وإذا اضطر أحدهم أن يتأخر فليبادر إلى إعلام معاونه لينوب عنه.
وفي الوقت المعين يتصدى القائد فيوعز بالاجتماع. وهنا يسرع كل عريف إلى زاويته ليجمع إليه طليعته التي تكون آنئذ قد استعدت في مدى اثنتي عشرة ثانية من صدور الأمر. ويحسن بالعريف حين يود دعوة أفراده أن يقلد الحيوان الذي ينتمي إليه وأن يأتي بإشارة يفهمها كشافوه فيأتمرون بها. كأن يصفق العريف ــ مثلا ــ أو يمسك أذنه اليمنى إيذانا بالتجمع. أو أذنه اليسرى إعلاما بالانصراف أو نقر رأسه ليدور أفراده إلى جهة معينة.
والمطلوب من العريف إبان ذلك أن يكون قد وقف في مكان مناسب ليقود الطليعة. ولتكن الطلائع حين التجمع متجهة نحو القائد الواقف في وسط الغرفة ثم يرسل صفارات متتالية فتلتف الطلائع حوله على شكل نجمة بعضها وراء البعض الآخر في صفوف مستقيمة لتظهر كل طليعة وهي تؤلف شعاعا لدائرة يكون القائد نقطة مركزها. وعندها يصبح بإمكان كل كشاف أن يصبح مقلدا صوت حيوان طليعته وهذا أمر يراعيه الكشافون إذا كانوا في الهواء الطلق.
وفي هذا الاجتماع يقف العريف على بعد عدة خطوات من القائد الذي يكون قد أخذ يشرح المنهاج ويعطي بعض الإرشادات. وبعد تحية العلم يفتش القائد الطلائع بسرعة فيطلب إلى العرفاء أن يوافوه حالا بسجل الدوام ليرى الحاضر والمتخلف من الأفراد، وعقب انتهاء القائد من ذلك يوعز إلى الجميع مؤذنا لهم بالعمل وهكذا يمضي كل عريف برفقة طليعته بعد أن يحيوا القائد إلى المكان الخاص بهم. ويجب أن لا تستغرق هذه العملية أكثر من خمس دقائق.
إن السير حسب هذا المنهاج الذي أوضحناه من شأنه أن يساعد كثيرا على تنمية روح النظام طيلة اجتماع الفرقة.
وعند الانتهاء من ذلك يصفر صفرة طويلة إيذانا بانفضاض جموع الفرقة. وهنا تسرع كل طليعة إلى توضيب أمتعتها بما يمكنها من سرعة ثم يجعل العرفاء طلائعهم بحالة الاستعداد حتى يأتي القائد فيأمر بانصراف الأفراد بعد أداء التحية.
إن هذا المنهاج المثالي الذي أبنّا عن نواحيه مفصلا. لم تكن الغاية منه توطيد النظام في اجتماعات الفرقة فقط بل المقصود منه أيضا تعويد العرفاء على تلقي المسئولية وتحمل تبعاتها.
وجدير بالقائد في هذه الأثناء أن يحجم عن إعطاء الأوامر على الكشافين مباشرة بل عليه أن يوجه ما يراه من ملاحظات على العرفاء الذين يبلغونها بدورهم إلى الأفراد.
وإن من لم يجرب مثل هذا النظام لا نراه يقره لأنه في عرف الحقيقة يجهل نتائجه الموفقة حين يتبع بحذافيره. ولنا في نهاية هذا الفصل أن نسوق هذه الملاحظة لئلا يقع المسئولون في شراك أخطائها.
سيما أن جموعا من الكشافين يؤمون أحيانا ساحات اجتماعاتهم للبحث في شريعتهم وهم يفدون مع العرفاء وفقا لنظام الطلائع ولكن دون أية مراقبة أو نقد يوجه إليهم، فهذا شذوذ يقع منافيا لروح الكشفية.
إن خير وسيلة لتسيير الفرقة ضمن نطاق التنظيم هو وضعها في خط مستقيم بينما يكون العرفاء كل إلى يسار طليعته ويحسن أن يجعل الصغار في المقدمة لتسير الفرقة على خطاهم دون ما إجهاد أو إخلال بنظام المسير.