ما هي العطــــوة العشـــــائريـــــة
العطوة هي الهدنة الأمنية التي يعطيها المعتدى عليه أو ذويه إلى المعتدي أو
ذويه وتكون عبارة عن مهلة زمنية ليتسنى لهم ترتيب أوضاعهم والإبتعاد عن منطقة
إرتكاب الجريمة، وتعتبر العطوة من العادات والأعراف المجتمعية المستحدثة فقد
كانت (الدخالة) تقوم مقامها ويلجأ إليها في القضايا الجزائية عند حدوث جرائم
ضرب أو إعتداء أو قتل أو مساس بالعرض، ويتوسط بين الطرفين للحصول على العطوة
مجموعة من ذوي الشأن من الوجهاء من ذوي المكانة المرموقة في المجتمع ويتم
التوصل إليها من خلال ذهاب مجموعة منهم لذوي المعتدى عليه وتسمى (الجاهة)
ويتم التفاوض معهم للحصول على هذه الهدنة من خلال جهود أشخاص آخرون غير طرفي
النزاع، بالإضافة إلى ذلك خبرة وتجربة ودراية في إجراءات الصلح تطيباً لخواطر
ذوي المجني عليه، وكف أيدي أهل المجني عليه عن الإعتداء على الجاني أو ذويه
وينظم بذلك صك خاص يسمى (صك العطوة العشائرية) يوقع عليه وينتدب لهذه الغاية
كفيلان يعرفان بكفيل الدفا وكفيل الوفا.
وللعطوة دورا بارزا تمهيدياً لإنهاء النزاع وحل سبب الخصام وحماية الأرواح
والممتلكات والحد من توسع آثار الجريمة إلى أفراد آخرين ليس لهم ذنب أو علاقة
بما إرتكب وخاصة (ذوي الجاني) وتساهم العطوة في هذا المجال بما تقدمه من
المساهمات العديدة في مختلف مراحل الجريمة من خلال وجود نوع خاص لكل مرحلة من
مراحل الجريمة وهذه الأنواع هي:
أ) العطـــــوة الأمنيـــــة :
وتعطى من قبـل عشيرة ذوي المجني عليه بواسطة لجنة الصلح أو الطرف الذي تمت
الإستجارة به مـن غيـر ذوي المجني عليه ويكتب صكها بوجود مندوبين عن السلطة
الرسمية من الأمن العام وزارة الداخليــة على إثـر وقـوع الجريمة وهذه العطوة
من أقصر أنـواع العطوات من حيـث الفتـرة الـزمنية حيـث تكون مـدتهـا ثلاثة
أيام وثلث اليوم وتعتبر تهيئـة لعطـوة الإعتــراف.
وتأتي هذه العطوة في المرحلة الأولى لوقوع الجريمة وتسمى بدعوة الإمهال لأنها
تعني إعطاء مدة زمنية قصيرة لتسوية الأمور المستعجلة
ب) عطـــــــوة الإعتـــــراف :
وتؤخذ بعد إنتهاء مدة العطوة الأمنية، وتتضمن إعتراف المتهم بالجريمة وتليها
عطوة على حق وفيها يكون المتهم غير المعترف بالفعل الذي إتهم به، وفيها يتم
تحكيم الأعراف القضائية من خلال محكمة خاصة لذلك لمعرفة أنه قام فعلاً بفعله
أم لا، ايضاً تتم إجراءات هذه العطوة بالتسهيل والتدخل من قبل الأمن العام
كممثل للسلطة الرسمية
ج) عطـــــوة الإقبـــــــــال :
وتأتي هذه العطوة عند إستعداد ذوي المتضرر لإستقبال الجاهة حيث يتم التفاوض
خلالها لوضع حد لموضوع النزاع وتعطى من قبل ذوي المجني عليه بالتنسيق مع
عشيرتهم وتتضمن رضاهم وموافقتهم على القيام بإجراءات الصلح وتبرز أهمية هذه
العطوة في جرائم القتل خاصة.
د) عطـــــــوة الحــــــــــق:
وتتضمن هذه العطوة إعتراف المتهم من خلال إعتراف ذويه بإرتكابه للجريمة حيث
قد يكون المتهم مجهولاً وغير مؤكد لإتيانه الفعل الإجرامي أو منكراً له ولكن
بعد توافر القرائن والدلائل التي تقرب الشك حول المتهم وتعطى من قبل ذوي
المجني عليه لحين ثبوت الحق وذلك بصدور قرار من المحكمة التي وقعت الجريمة في
منطقة إختصاصها على أن يكون الحكم إكتسب درجة قطعية ونهائية ويتم أخذ هذه
العطوة بعد صدور الحكم بإدانة المتهم الذي تأكد قيامه بالفعل الإجرامي
تمهيداً لإجراء الصلح النهائي.
وتراعي الاعراف القضائية في المجتمع الأردني التمييز بين أنواع العطوات في
الدلالات والمعاني للألفاظ الصادرة أثناء الإتفاق عليها واستقر العرف على ان
كافة القضايا والإعتداءات العادية تكون العطوة تامة فيها أي لا يوجد بها
تحفظات وشروط إذ تشتمل جميع ما يخص المتهم، حيث يتمتع الجميع بالحماية التي
تم الإتفاق عليها، وفي بعض الحالات يتشدد ذوي المجني عليه بقبول العطوة عن
الجاني ويقبلونها على سبيل الحصر بذويه ويستثى من مبدأ الحماية الجاني نفسه،
حيث يكون خلال مدة العطوة معرضاً للإعتداء والثأر من قبل ذوي المعتدى عليه
(المجني عليه) وتكون بذلك العطوة ناقصة إذ أنها إستثنت الجاني من الإستفادة
من أحكام الحماية.
وعادة ما يجري الموافقة عليها من قبل الجميع بما فيهم ذوي الجاني إذا إرتكب
الأخير فعلاً إجرامياً شنيعاً أو مشيناً كالسرقة والقتل أو الإغتصاب أو
التشويه للمقتول أو غيرها من الإنحرافات الجرمية المتبع فيها أسلوب جرمي ينم
عن نفسية إجرامية شريرة.
ويصاحب العطوة العشائرية بعض الإجراءات التي تعارف عليها أفراد المجتمع
العشائري ويلتزم بها الجاني، ومنها الجلوه وفراش العطوة وكذلك جرائم تقطيع
الوجه .