مقال للأشبال
في الوطن العربي المسلم مئات الألوف من الفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين ثماني سنوات وإحدى عشرة سنة ينتمون لحركة الأشبال (أو الجراميز كما كانو يسمون في بعض البلدان) وفي أنحاء العالم هناك ملايين من الناس الذين هم أعضاء في الحركة الكشفية أو كانوا أعضاء فيها ويبين هذا الكتاب برسومه الرائعة, ونصه الذي وضع بعناية, من هم الأشبال وماذا يعملون, وهو يروي كيف بدأت الحركة الكشفية ,ويصف ما تنطوي عليه حركة الأشبال من لهو برئ وتدريب مفيد وألعاب مسلية مقدمةالشبل هو فتى يراوح عمره بين ثماني سنوات وأحدى عشرة سنة, وهو يستمتع بالمغامرة, وبالإثارة اللتين يوفرهما له القيام بمختلف الألعاب المسلية والمفيدة, ويريد الفتى عادة أن يصبح شبلا لان رفاقه من الأشبال يكونون قد اجبروه بكل ما أصابوه من لهو ومرحوالشبل يريد البحث عن الأشياء قدر استطاعته, وهو يتعلم كيف يستطيع أن يستعمل ما يكتشفه في حياته اليومية, انه يحب أن يكون في الهواء الطلق وينعم بحياة الخلاء, وهو يبذل جهده لكي يجعل الناس الآخرين – شبانا وشيبا- سعداء , وذلك بان يساعدهم بالطريقة التي يقدر عليها , وهو يريد أن يغتنم كل الفرص التي تتيحها له حلقة الأشبال لكي يفيد من وقته وطاقته على أفضل نحو من خلال الألعاب والتدريب والرحلات وهلم جراوالشبل عضو في أوسع منظمة للشبيبة في العالم, أن ثمة أكثر من احد عشر مليونا من الفتيان والرجال والنساء في الحركة الكشفية في أكثر من مئة وخمسين بلدا إن حلقة الأشبال هي لكل فتى يعد وعد الشبل, ويتفهم قانون الشبل ولا يؤثر على انتسابه لون بشرته, ومكان عيشه, وكونه معاقا أو غير معاق, إن الوعد والقانون أمران عظما الأهمية, وباستطاعتك أن تقرأ المزيد عنهما في الصفحات اللاحقة من هذا الكتاب, ولكن دعنا أولا نرى كيف بدأت الكشفية بادن باول الفتى الرجل الذي أسس الكشفية كان يدعى روبرت بادن باول, وقد ولد في لندن في الثاني والعشرين من شباط عام 1857, وعندما كان روبرت في الثالثة من عمره توفي أبوه, ولم يكن لدى الأسرة مال وفير, وشجعت والدة روبرت أولادها العشرة على أن يجدوا بأنفسهم مسلياتهم الخاصة, وكان بوسع روبرت أن يرسم جيدا (بكلتا يديه) وغالبا ما كان يدخل السرور إلى الأسرة بتقليده الحيوانات البريةومع أن روبرت كان فتى صغيرا فقد كان قويا بالنسبة إلى عمره, كان أنمش الوجه, احمر لون الشعر, وفي المدرسة لم يفلح كثيرا في دروسه , ولم يكن رياضيا بارزا, كان ممتازا في الرماية والتمثيل ,وقد جعله حسه بالدعابة محبوبا لدى رفاقه في المدرسة وكان روبرت أحيانا يسعى وراء الوحدة, فكان يذهب إلى "الأجمة" وهي رقعة من الأرض المشجرة قرب المدرسة, وهناك كان يدرس الحيوانات والطيور فيلاحقها ويتقصى أثرها, ولقد اكتشف بعض عجائب الطبيعة بنفسه, وكانت الأجمة منطقة محظورة على التلاميذ, فكان على روبرت أن يتوارى عن أعين المعلمينوفي الأعياد كان روبرت يذهب للتنقيب مع إخوته الكبار, وكان الفتيان يشترون القوارب بأسعار زهيدة, ويصلحونها بأنفسهم ويتنزهون بها على الساحل الإنكليزي, ومرة أبحروا إلى النروج , وأحيانا كانوا يجذفون في الأنهار, وفي أحيان أخرى كانوا يرحلون إلى أطراف المدينة حاملين متاعهم على ظهورهم , ليناموا داخل مخازن الغلال أو تحت قبة السماء بادن باول الجنديلم يكن روبرت يعرف ماذا يريد أن يفعل عندما ترك المدرسة, وإذا به يشترك بمباراة مفتوحة للالتحاق بالجيش دون أن يخبر أسرته بذلك, ولشد ما كانت دهشة الجميع عظيمة عندما نجح في المباراة, وبلغ من التفوق درجة جعلته يعفى من التدريب المألوف الخاص بالضباط, وفي سن التاسعة عشرة عين برتبة ملازم ثان في فرقة الخيالة الثالثة عشرة, ورحل إلى الهند, وكان السفر يروقه دائما, وفي السنوات الثلاثين اللاحقة شاهد العالم عن طريق الجيش كان جنديا لامعا ورقي بسرعة, وأحبه رجاله لأنه عمل الكثير ليجعل حياتهم مفيدة, ودرب رجاله بواسطة المباريات والألعاب وعلمهم كيف يقتفون الأثر ويعيشون في البراري وفي عام 1899 أرسل الكولونيل بادن باول إلى جنوب أفريقيا لان خطر الحرب كان ماثلا بين المستوطنين الهولنديين(البوير) والمستوطنين البريطانيين, وكانت مافكنغ مركز تموين البريطانين, وهي مدينة صغيرة تفتقر إلى الوسائل الدفاعية الطبيعية, وليس فيها سوى مدفعين قديمين, وأعلنت الحرب, وحوصر بادن باول مع ألف من رجاله في مافكنغ على يد تسعة ألاف من البوير, فوضع مختلف المخططات التي جعلت البوير يظنون أن في المدينة حامية كبيرة جدا, وعندما وصلت الإمدادات والمساعدات كان حصار مافكنغ قد استمر سبعة اشهر, وأصبح بادن باول بطلا وطنيا في إنكلترا وفي عام 1900,عندما بلغ بادن باول الثالثة والأربعين من عمره أصبح اصغر لواء "ميجر جنرال" في الجيش البريطاني, وبعد ثلاث سنوات رقي إلى رتبة مفتش عام للفرسان, وهي أعلى وظيفة في سلاح الفرسان بادن بأول مخيم كشفي وضع بادن باول كتيبا – عنوانه " معينات الكشفية" يتناول طرقه في تدريب الجيش, وقد نشر في إنكلترا في أثناء حصار مافكنغ, وعندما عاد إلى بلده من جنوب أفريقيا أدهشه أن يرى الكثيرين من الفتيان قد اشتروا كتبه وانضووا في فرق صغيرة لممارسة الكشفية, وكانوا يسمون أنفسهم الفتيان الكشافة وقرر بادن باول كما أصبح معروفا في ما بعد أن يعيد كتابة المؤلف للفتيان, وفي عام 1907 كان مستعدا لاختبار أفكاره عن الكشفية مع الفتيان, وأراد مكانا لا يضايقه فيه الصحافيون الذين كانوا يهتمون دائما بما يفعله بطل مافكنغوكان بعض الأصدقاء يملكون جزيرة براونسي في بول هاربر, دورست, التي تشكل مكانا مثاليا, وفي نهاية تموز عام 1907 اخذ بادن باول عدد من المساعدين واحد وعشرين فتى وابن أخيه ليخيموا أسبوعا في الجزيرة, وكان بعض الفتيان أبناء أصدقاء بادن باول وبعضهم جاء من بور نموث ومن مجموعات فرقة فتيان بوولوقضى أولئك الفتيان وقتا ممتعا مليئا بالإثارة ولم يكونوا قد عرفوا شيئا مماثلا من قبل, لان احد في تلك الأيام لم يكن يذهب للتخييم في الأعياد ولقد سبحوا , واستعملوا الإشارات, واقتفوا الأثر, وطهوا وتنزهوا ولعبوا, وكانوا كل مساء يجلسون حول نار المخيم ويصغون إلى بادن باول وهو يروي لهم مغامراته في أجزاء عديدة من العالم, وقد حقق المخيم نجاحا كبيرا الكشفية تبدأ في النموبعد مخيم براونسي ,أنهى بادن باول كتابة" الكشفية للفتيان" وفي عام 1908 نشر الكتاب في ثمانية أجزاء نصف شهرية يكلف كل منها بنسا واحد, وتوقع "بادن باول" أن تفيد من "الكشفية للفتيان" منظمات الشبيبة التي كانت قائمة آنذاك وهكذا اخذ الفتيان في جميع أنحاء إنكلترا يجمعون أنفسهم في فرق كشفية , ويطلبون من الكبار أن يتولوا قيادتهم وكان بادن باول لا يزال ضابط في الجيش النظامي, وقد تلقى مئات الرسائل من فتيان يطلعونه على مغامراتهم, وكان عليه أن يفتح مكتبا صغيرا, وقبل نهاية عام 1908 كان الفتيان قد بدأوا يمارسون الكشفية في ايرلندا واستراليا وكندا ونيوزيلندا وجنوب أفريقياوفي عام 1909 كان احد عشر ألف كشاف(وسبع فتيات) من مختلف أنحاء إنكلترا يلتقون في تجمع (رالي) بكريستال بالاس في لندن, وكانت ستة ألاف فتاة أخرى قد تسجلن "كمرشدات" ورأى بادن باول أن الفتيات يحتجن إلى منهاج خاص بهن, ووافقت شقيقته اغنس على مساعدته, وانطلقت حركة الفتيات المرشدات واستدعى الملك ادوراد السابع, الذي حضر " الرالي" بادن باول إلى قصر بالمورال في تشرين الأول عام 1909 ومنحه لقب فارس(سير) لخدماته الجمة كجندي, ولإنشائه الحركة الكشفية في البلاد, ووافق الملك على أن يسمى الفتيان الذين يجتازون اختبارات خاصة " كشافة الملك" أوائل الأشبال وسر بادن باول بل أدهشه أن تكون الكشفية قد استهوت الفتيان خارج نطاق الكومنولث, وحوالي عام 1910 كانت الكشفية قد انطلقت في ستة عشر بلدا, وكانت لا تزال تنتشر بسرعة وشعر بادن باول بان عليه أن يبكر في انسحابه من الجيش ليعطي الكشفية كل وقتهوأراد كثيرون من صغار الفتيان أن يكونوا كشافين, ولكن كان من الصعب عليهم أن يقوموا بالأعمال المحددة للفتيان الكبار في كتاب" الكشفية للفتيان" وأدرك بادن باول أن الفتيان الذين تراوح أعمارهم بين ثماني سنوات, وأحدى عشرة سنة يحتاجون إلى منهاج خاص بهم وعثر على الخلفية المناسبة لهذا التفكير في كتب الأدغال لرديارد كبلنغ, وفيها حكايات عن موغلي, الإنسان الشبل,الذي يترعرع في الأدغال مع الذئاب ,مطيعا اكيلا الذئب العجوز الحكيم, ومتعلما قانون الأدغال من بالو الدب, وباغيرا النمر, وكا الأفعى, وشيل الشوحة, وراكشا الذئبة الأم, ونشأت حلقة الأشبال عام 1916إن التطور الذي حققته الحركة الكشفية ,جعل أشبال الكشافة يقومون اليوم بأعمال تختلف عن تلك التي كان يقوم بها أوائل الأشبال, فان أول حكاية عن الأدغال لا تزال تروى للأشبال الجدد, وفي داخل القطيع يسمى القادة الكبار (الكشافون) بأسماء حيوانات الأدغال, ويسمى قائد الأشبال دائما أكيلا, ويأخذ مساعدوا قادة أسماءهم من الحيوانات الأخرى قطيع الأشبال إن أول خطوة يخطوها الفتى لكي يصبح شبلا هي أن يطلب إلى ذويه الاجتماع إلى قائد اقرب قطيع أشبال إلى منزله ويضم قطيع الأشبال عادة كشافين اثنين على الأقل وعددا يراوح بين ثمانية عشر شبلا وستة وثلاثين شبلا, والكشافان لا يتقاضيان أجرا, بل يقومان بعملهما لأنهما راغبان فيه, ويتدرب الكاشفان لقيادة القطيع وتوجيه نشاطاته ويقوم الشبل بكل ما يتعلق بعمله الكشفي تقريبا مع قطيعه, ويقسم الأشبال في الطليعة فرقا تسمى سداسيات (جمع سداسي) ويطلق على كل سداسي اسم لون من الألوان, ويقوده فتى يسمى"سادوس" يساعده فتى أخر يسمى "الثاني" ويضع كل من السادوس والثاني شارة خاصة على زيهما الكشفيويشكل أكيلا(قائد قطيع الأشبال) والسواديس مجلس السواديس الذي يجتمع أحيانا لابتكار ألعاب جديدة والتباحث بأمور كرحلات القطيع ونزهاته ويدفع كل شبل اشتراكا زهيدا كل أسبوع لتغطية نفقات إدارة القطيع النشاطات الموسعة قد يكون الفتى مصابا بعاهة تعيقه عن المشاركة في مختلف نشاطات قطيع الأشبال, يمكن أن يكون أعمى أو أصم, أو ذا شلل جزئي, أو بدون ذراع أو ساق, وهذه العاهة يجب ألا تحول دون انتساب الفتى إلى حلقة الأشبالإن الشبل المعاق لا يكون قادرا على ممارسة جميع الألعاب, ولكنه يستطيع أن يساعد القادة في إدارتها , وربما كان غير قادرا على تنفيذ كل مشروع يعده القطيع, ولكنه يقدر أن يفعل أشياء بطريقة أفضل من تلك التي يفعلها بها غيره من الأشبال, وعلى القادة أن يضعوا بين يديه مشاريع خاصة لمساعدته على تنمية مهاراته وميوله, وعندما لا يستطيع المعاق أني يجري اختبارا معينا يجب أن يعطي اختبارا أخر يتطلب الجهد نفسه وهكذا ترى أن الكشفية تتسع لتضم الفتيان المعاقين, وهذا ما تعنيه عبارة "النشاطات الموسعة" أن أي فتى يتفهم قانون الشبل ويعد وعده يستطيع أن يصبح كشافا, وثمة قطعان يكون فيها جميع الفتيان معاقين, ولكن اغلب الفتيان المعاقين ينتمون إلى القطعان المحلية, وحيثما استطاع فتى معاق أن يمارس كشفيته كان شبلا لا يقل عن غيره من الأشبال, وهو مثلهم مدعو لان يبذل جهده قانون الشبل يبذل الشبل جهده دائما يتلخص قانون الشبل, كما هو معتمد في لبنان وسائر الدول العربية ,بما يأتي: الشبل يطيع أكيلا: إن طاعة المرؤوسين لرؤسائهم أمر مهم في التربية الكشفية ,وهي في جملة العناصر التي يتوسل بها لتكوين خلق الفتى وشخصيته, ومن اجل ذلك كان لابد للشبل من أن يطيع قائد قطيعه" أكيلا" لكي يتمرس بهذا المبدأ الخلقي منذ نعومة أظفاره, ويظل محافظا عليه عندما يصبح كشافا ثم جوالاالشبل لا يطيع نفسه وهواه: وإذا كانت طاعة الفتى لقائده أمرا مهما وواجبا في الحركة الكشفية, فان طاعته لنفسه أمر مستنكر, لأنها تعني استسلام الفتى لرغباته وأهوائه التي غالبا ما تكون ضارة به, ومن هنا كان النهي عن أن يطيع الشبل نفسه, والحث على أن يستعيض عن هذه الطاعة بطاعته لقائد قطيعه" أكيلا" والى جانب ذلك يدعو بادن باول الشبل لان يكون سعيدا وينعم بالحياة التي يحياها, وهو يعتقد أن خير طريقة للحصول على هذه السعادة هي إسعاد الناس الآخرين وعد الشبل أما وعد الشبل فهو الآتي, وفقا كذلك لما هو معتمد في لبنان وباقي الدول العربية : (في بعض البلدان يتألف الوعد من ثلاثة بنود بدلا من اثنين )اعد بان ابذل جهدي في:أن أقوم بواجبي نحو الله والوطن: ينظر الشبل إلى الله على انه خالقه, ويريد أن يعرف عنه تعالى كل ما يستطيع أن يعرفه, وهو لا يخاطب الله بالصلاة, في مكان العبادة أو في سريره فحسب, بل في كل مكان وفي كل وقت, انه يحمد الله على كل شيء فعله تعالى من اجله وأعطاه إياه, ويسأله أن يعينه على ما هو حقوعلى الشبل أيضا أن يفعل كل ما يستطيع لخدمة وطنه, وذلك بالعمل الشاق, وباحترام الأنظمة والقوانين المرعية في بلاده, وبان يكون بشوشا ويساعد الناس الآخرين إن اعمل بقانون الأشبال واعمل خيرا كل يوم: عندما يعرف الشبل معنى قانونه يتعهد, عن طريق الوعد, بان يحافظ على هذا القانون ويعمل بمقتضاه, وعليه أن يقوم كذلك بعمل خير يختلف عن الأعمال العادية التي يقوم بها في بيته أو في مدرسته, انه عمل إضافي يجب أن يقوم به مرة واحدة على الأقل كل يوم شارة الكشافتكاد الشارات الرسمية لكل جمعية كشفية في العالم تكون متشابهة في الشكل ولكن ثمة فروقات في الرسم بين بلد وأخر, وفي جميع الأقطار يمكن معرفة الحلقة أو الفرع الذي ينتمي إليه الفتى أو القائد من خلال خلفية الشارة ولون حلقة الأشبال في لبنان وسائر الدول العربية هو اللون الأصفرشعار الكشاف شعار الكشاف هو"كن مستعدا" ويتعلم الشبل من خلال تدريبه كيف يعمل بهذا الشعارمصافحة الكشاف كان من عادة الناس في أفريقيا أن يقاتلوا بالرماح ويدافعوا عن أنفسهم بالتروس, وعندما كان المحارب يلقي بترسه أرضا ويمد يده اليسرى إلى إنسان ما , فقد كان يشير بذلك إلى انه يثق بذلك الإنسان ,لأنه بدون ترس لا يستطيع أن يدافع عن نفسه إذا ما هاجمه إنسان, وقد عرف بادن باول تلك العادة عندما كان جنديا, ومن اجل ذلك يستعمل الكشافون ,حيثما كانوا, المصافحة باليد اليسرى ليدللوا على صداقتهم وثقتهم بعضهم ببعض
الجمعة يناير 07, 2011 4:40 am
