دور نظام الجماعات الكشفية فى تنمية الولاء والانتماء الوطنى
مما لاشك فيه أن نظام الجماعات يسهم في غرس مشاعر الانتماء والولاء الوطني في نفوس الشباب من خلال تعويدهم على الانتماء لطليعتهم وفرقتهم وتحملهم المسئوليات المترتبة على ذلك. ويقوم نظام الطلائع بوظيفتين أساسيتين فيما يتصل بتنمية روح الولاء والانتماء الوطني:
الأولى: تدريب الكشاف على الخروج من نطاق العمل من أجل الذات إلى العمل من أجل مجتمع صغير هو " السداسى، أو الطليعة، أو الرهط " التي لايزيد عدد أفرادها على ثمانية أفراد يحب كل منهم الآخر ولا يجد غضاضة أو صعوبة في التحرر من الأنانية الفردية من أجل الصالح العام لهذه الجماعة.
الثانية: هي تهيئة الكشاف لخدمة المجتمع الكبير المتمثل في الفرقة، " إذ يشعر الفتى بأن طليعته التي يعمل في نطاقها تعمل هي نفسها من أجل الرقي بالفريق كله. وهكذا فإن نظام الجماعات يجعل فكرة الانتماء والولاء واقعا ملموسا لدى الشباب يعيشونه ويمارسونه ويتدربون عليه، وذلك من خلال ما يلى:
أولا: الانتماء والولاء للجماعة الصغيرة:
في الطليعة توزع الأعمال على الأفراد بحيث يتحمل الجميع مسئولية نجاح الطليعة أو فشلها ويعتمد ذلك بصورة كبيرة على توزيع الأدوار والمسئوليات بصورة جيدة فيشعر كل فرد في الطليعة بأنه عضو فعال ومسئول عن نجاح العمل وتقدم الجماعة فيشعر انتمائه ويتعزز ولاؤه. ويمتاز ولاء الكشاف لطليعته بالمواصفات المطلوبة في الولاء الصحيح، فهو:
- ولاء مشروع لجماعة يحكمها دستور يأتي في م دمته أداء الواجب نحو الله والوطن والآخرين والذات، وتتحدد تصرفات أعضائها بقواعد سلوكية معينة يلتزم بها كل منهم دون إخلال.
- وهو ولاء إيجابي فعال مبني على المشاركة في تحمل المسئولية وأداء الواجبات وأداء دور محدد نافع داخل الطليعة يخدم من خلاله طليعته، فيسهم في نموها ونجاح أعمالها، فيشعر بأن ولاءه لطليعته له قيمة كبيرة في رقيها فيتمسك به ويحرص عليه، وينعكس على سلوكه الإيجابي نحو الطليعة.
- وهو ولاء ناقد رشيد، ليس ولاء أعمى يتغاضى فيه كل كشاف عما يراه من عيوب ومآخذ فيغض عنها الطرف بحجة أن الولاء يفرض عليه ذلك، بل على العكس من ذلك يقوم بواجبه في انتقاد ما يراه من أخطاء ومحاولة المشاركة في معالجة تلك الأمور وتحسينها، ويتم ذلك من خلال مجلس الطليعة الذي تتاح فيه أيضا الفرصة لمناقشة كافة الأمور المطروحة على الطليعة وخطتها وأنشطتها وأداء أفرادها.
وهكذا نرى أن الطليعة تغرس وتنمى مشاعر الولاء والانتماء بالمواصفات التي يحتاجها المجتمع والوطن، فما أجمل أن يكون ولاؤنا لأوطننا ولاء مشروعا وفعالا وإيجابيا وناقدا وما أحوج مجتمعاتنا اليوم إلى المواطن الإيجابي الفعال الذي يتسم ولاؤه بالاستنارة والقدرة على الانتخاب والانتقاء.
ثانيا: الانتماء والولاء للجماعة الكبيرة (الفرقة):
الطليعة الكشفية ليست جماعة صغيرة منغلقة، بمعنى أنها وإن كان لها قيادتها وبرامجها الخاصة بها إلا أن ذلك يتم في ظل القيادة والبرامج العامة للفريق في مجموعة، فالكشاف يدرك أنه حينما يعمل في نطاق جماعته الصغيرة فإنه يعمل أيضا من أجل رقي الجماعة الكبيرة.
وحينما يتولى عريف الطليعة قيادة طليعته فهو يجعل مصلحة الطليعة فوق مصلحته الشخصية، يجعل مصلحة الفرقة فوق مصلحة الطليعة.
كما أن هناك أيضا المجتمع الأكبر الذي تنتمي إليه الفرقة سواء كان المجموعة الكشفية (الفوج) أو الكشفية بمطلقها فإن كل كشاف يشعر في داخله بمسئولية نحو الحركة وتحسين صورتها والقيام بالواجبات التي يقتضيها الانضمام لها، فالناس ينتظرون دائما ممن يرتدي الزي الكشفى أن يكون سلوكه فاضلا وأن يسارع إلى مساعدة الغير والتطوع لخدمة الآخرين، ولم يجر هذا العرف بين الناس على غير أساس، بل نتيجة للتصرفات العملية التي تنبع من إحساس الكشاف بالمسئولية نحو الآخرين والمجتمع. ويتدرج هذا الشعور بالمسئولية من نطاق الأفراد إلى الجماعة الصغيرة ثم الفرقة ثم المجتمع الكبير.
ومن خلال التدرج الطبيعى للولاء والانتماء الذي يعيشه الكشاف (الطليعة ثم الفرقة فالكشفية فالمجتمع ) يتم تدريب الفتية والشباب على الولاء والانتماء وغرس الروح الوطنية لديهم. ومن الأمثلة التي يمكن الإشارة إليها هنا للتأكيد على الدور المحوري لنظام الجماعات الصغيرة في غرس وتنمية الولاء والانتماء اعتمادا على ذلك التدرج، أن عرفاء الطلائع الذين يهتمون بتنمية وإنجاح أعمال طلائعهم يجدون أنفسهم أعضاء في مجلس شرف الفرقة يتحملون مسئولية أسمى وأكبر وهي النهوض بالفرقة والاعتناء بشئونها وإدارة أمورها بالتعاون والمشاركة في الاضطلاع بالأعباء.
وقد اعتمدت الكشفية على التدرج كمبدأ أساسي للتربية، ويتجلى مبدأ التدرج في غرس الوطنية والانتماء في شعارات المراحل التى تبدأ بشعار " أبذل جهدى " لمرحلة الأشبال فيطلب من الشبل الصغير أن يؤدي عملا طيبا (معروفا) لأي إنسان كل يوم، ثم يأتي شعار مرحلة الكشافة " كن مستعدًا " الذي يوحي للفتى بأنه مقبل على دور أكبر لخدمة الآخرين، ثم في مرحلة الكشاف المتقدم ينظر الفتى فيها إلى المستقبل " بأفق واسع "
فيهيىء نفسه من خلال اكتساب المهارات والاتجاهات المطلوبة ليصبح قادرا على تحقيق شعار مرحلة الجوالة وهو " الخدمة العامة " فيسهم في خدمة وطنه وتنميته بصورة فعالة أعد نفسه من أجلها منذ التحاقهبالحركة.
ومما سبق نتبين أن الولاء للوطن يتم تنميته بالممارسة العملية من خلال تنفيذ نظام الجماعات الصغيرة بد اية من حب الطليعة والشعور بالاعتزاز للانتماء إليها والمشاركة في تحمل مسئولية الارتقاء بها، وتتدرج بعد ذلك ليشمل الانتماء للفرقة ثم ينضج الشعور بالانتماء للمجتمع ليؤدى إلى تعزيز روح الولاء للوطن وخدمته والاستعداد للتضحية في سبيله.
أثر نظام الجماعات في التدريب على المواطنة:
يساعد نظام الجماعات في التدريب على المواطنة السليمة وتنميتها لدى الفتية والشباب، وذلك من خلال غرس صفات المواطن الصالح وتعويدهم على ممارسة النظم الديمقراطية والمشاركة الإيجابية وغير ذلك من الأمور التى تجد معنى المواطنة. فمن خلال ممارسة نظا م الجماعات يتفهم الفتى ما هي حقوق الفرد .. وما هي واجباته .. وما هي الحرية المطلقة .. وما هي الحرية المقيدة .. ما هو النظام الديموقراطي وكيف ينظم المجتمع الديموقراطي شئونه. كل ذلك يمارس عمليا من خلال النموذج التطبيقي الذي يتيحه العمل من خلال الجماعات الصغيرة.
وتكوين مجلس الشرف يشبه إلى حد كبير تكوين المجالس النيابية التي تضطلع بمسئولية النهوض بالفرقة واتخاذ القرارات اللازمة في الأمور المتعلقة بالفرقة (الأنشطة- الميزانية - تقويم أداء وسلوك أعضاء الفرقة...).
ومن خلال نظام الطلائع يتعرف الفتى على مفهوم السلطة والمسئولية فهناك حدود لمسئوليات كل شخص وحدود لسلطاته بما في ذلك القائد وأيضا حدود لمسئوليات كل تنظيم وحدود لصلاحياته وسلطاته (كمجلس الطليعة أو مجلس الشرف مثلا)، فكل شيء ينظم في حدود قانون الجماعة وقواعدها الديمقراطية التي تضمن مشاركة الجميع في تيسير كافة الأمور.
أما عن الإيجابية والمشاركة كمواصفات لازمة للمواطن الفعال الصالح فإنها تجد في نظام الجماعات مناخا صالحا للنمو والظهور، فكل عضو في الطليعة يعمل مع الآخرين ويتفانى في سبيل الجماعة ويحترم رأي الآخرين مهما كان متعارضا مع رأيه ويحترم ملكية الغير وحقوقه ويدافع عنها وكذا يعرف حقوقه ولا يفرط فيها، وهكذا تتجسد لديه أهمية الدفاع عن حقوق المجتمع الذي هو فرد فيه وأهمية المحافظة على ممتلكاته وصيانتها له ولغيره.
إن صورة الوطنية تتضح معالمها في نفس الكشاف من يوم انضمامه للحركة الكشفية وتنمو معه كلما تقدم في التدريب الكشفي وطبق الطريقة الكشفية ومارسها ممارسة عملية، وتبدو تلك المعالم في شكل حقوق وواجبات ونظام واحترام للقانون في جماعة ذات أهداف واضحة ومفهومة، وديمقراطية مؤسسة على ممارسة فعلية لها.
كل ذلك يتعلمه ويدركه ويمارسه في مجتمعه الكشفي الصغير ليصبح قادرا على ممارسته في حياته العملية كمواطن صالح يشار إليه بالبنان كإنسان يعبد الله ويبنى حياة.
أنشطة الطليعة التي تسهم في تنمية الانتماء الوطنى:
وحتى تقوم الطليعة بواجبها كاملا في تنمية الولاء والانتماء الوطني وتضطلع بدورها الفعال في ذلك ينبغي أن تتنوع أنشطة الطليعة لتتضمن العديد من البرامج التى تؤكد على ذلك الاتجاه نذكر منها على سبيل المثال:
- احتواء ركن الطليعة على العلم الوطني وصور للرموز والشخصيات الوطنية.
- تحية العلم الوطني فى بداية اجتماعات الطليعة.
- الاحتفال بالمناسبات الوطنية في إطار الطليعة.
- تنظيم رحلات للطليعة للتعرف على معالم الوطن.
- تعريف أعضاء الطليعة بالخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين من خلال تنظيم زيارات لمركز خدمة المواطنين والهيئات الخدمية ودعوة المسئولين للتحدث عن هذه الخدمات لأعضاء الطليعة.
- تنظيم معارض صور وملصقات عن المعالم الهامة (السياحية والصناعية والطبيعية).
- تشجيع أعضاء الطليعة على التطوع لأداء الخدمات التطوعية.
- حفظ وترديد الأناشيد الوطنية.
- تنظيم رحلات إلى المناطق والقلاع الصناعية في الوطن على أن يقدم كل عضو في الطليعة تقريرا يتضمن مشاهداته خلال الرحلة وتناقش التقارير في اجتماع الطليعة.
- إعداد سجل خاص للطليعة يحتوي على المناسبات الوطنية المختلفة وتاريخها.
- تشجيع أعضاء الطليعة على مراسلة كشافين من مناطق أخرى بالدولة بهدف زيادة الصداقات وتبادل الأفكار حول الأنشطة التطوعية لخدمة المجتمع.
أنشطة الفرقة التي تسهم في تعزيز الانتماء الوطني:
- إحياء المناسبات الوطنية والاحتفال بها على مستوى الفرقة.
- تنظيم مسابقات حول الرواد والزعماء السياسيين والعلماء والأبطال التاريخيين القدامى والمعاصرين للتعرف على منجزات أبناء الوطن بما ينمي الاعتزاز بالانتماء إليه والولاء له.
- عقد لقاءات وندوات واستضافة المتحدثين حول الأحداث الوطنية الكبرى وآثارها.
- الاهتمام بدراسة الشخصيات الوطنية المتميزة من أدباء وشعراء وعلماء وما يقدمونه للوطن وللآخرين من إبداعات.
- زيارة المتاحف والمعارض لتنمية الذوق العام ودعم الإحساس بالجمال والتعرف على التراث الحضاري للوطن.
- تنظيم مشروعات خدمة عامة في شتى المجالات (النظافة/ التجميل/ صيانة المعالم / المحافظة على البيئة/ ...).
- تنظيم مسابقات في مجال الملصقات والمطويات التي تدعو للحفاظ على المعالم الحضارية والممتلكات العامة وصيانتها.
- الاهتمام بتقاليد العلم الوطنى في الاجتماعات والمخيمات وكافة الأنشطة.