قواعد أو أسس القيادة الإدارية
إن القيادة الناجحة والفاعلة تأتي نتيجة المثابرة على التعلم والتطور والتجربة الناجحة والممارسة السليمة إلى جانب ما يضعه الله تعالى في القائد من صفات القيادة ومواهبها. ولا شك أن التاريخ شهد مواقف قيادية كثيرة ومتعددة إلا أن المواقف الإيجابية منها والراسخة هي تلك التي كان لأصحابها أدوار سامية ونتائج باهرة. وكما يقول البعض فان القيادة هبة ولكنها لا تظهر إلا في الظروف المناسبة والتي تحتضن القيادة فتهيئ لها بالتالي كل ما هو مواتي لنجاحها. ولكن ومع ذلك كله فالقائد إن لم يكن كفء وفعال وقادر على التأثير فمهما كانت الظروف مواتية فإن موهبته القيادية قد لا تثمر أو لا يكون لها أي تأثير إيجابي على المجموعة. فالقائد الناجح هو الذي يعرف من خلال النتائج التي يحدثها في المجموعة التي يقودها، فالقيادة الناجحة إذا هي التي تؤثر في سلوكيات الأفراد والمجموعات. لذلك كله فإن القيادي يحتاج إلى تطوير موهبته وقدراته في إدارة المجموعة والتأثير فيها.
ومن هذا المنطلق فإن هنالك قواعد أساسية ينبغي للقائد الفعال التعامل معها لتحقيق أفضل النتائج. هذه القواعد هي :
1- وضع الأهداف والبرامج العملية: وينبغي للقائد أن تكون لديه القدرة على وضع الأهداف الممكن الوصول إليها بالموارد المتاحة قدر الإمكان مع جعل هذه الأهداف مقبولة ومرغوبا فيها من قبل الأفراد والمجموعات في التنظيم. ولجعلها مقبولة يجب على القائد توصيلها لهم بأساليب الإقناع والإحساس بأهميتها، ويلي ذلك وضع البرامج (الطويلة، والمتوسطة، والقصيرة المدى) لتحقيق هذه الأهداف شريطة أن تكون هذه البرامج مبسطة وواضحة للجميع. وعلى سبيل المثال إذا كان الهدف تحقيق أرباح وقدرها 10%، فما هي؟ هل هي 10% على عائد رأس المال أم من إجمالي المبيعات أو من إجمالي الميزانية التشغيلية؟
2- الأوامر وتنظيم العمل: على القائد الإداري أن يدرك كيفية إعطاء الأوامر والتي من خلالها يتم تنفيذ القرارات، وما هي أثار هذه الأوامر والتعليمات على الأفراد والمجموعات. لذلك وجب عليه أن يكون ملما بكيفية تنظيم العمل في شكل هيكل عمل تنظيمي، وجعل هذا الهرم متناسقا من حيث الاتصال والسلطات والصلاحيات والمسئوليات، ومتعاونا وخاصة من حيث التنسيق والعلاقات والترابط، ومن ثم تلافي التضارب في الآراء والمصالح وتلافي الازدواجية في المهام والسلطات. وعلى سبيل المثال ما هي الإدارة المالية وأقسامها؟ وهل هناك تداخل بين مهام ومسئوليات قسم المراجعة والتدقيق وقسم التحصيل والإيرادات، أو قسم المحاسبة وقسم الرواتب؟
3- الاتصال المقنع والفعال: القائد الفعال لا يعتمد على السلطة لإيصال الأوامر وتنفيذ البرامج، ولكن يعتمد على الأسلوب المقنع والذي من خلاله يلتزم الجميع بالسير نحو تحقيق الأهداف. إن الاقتناع والإتصال الفعال يخلق قي المجموعة الولاء للقائد ومن ثم منحه القوة اللازمة لقيادة المجموعة. مثل هذا الاتصال الفعال يقوم على القدرة على جعل الأفراد يحسون ويدركون مضامين وأهداف رسالة القائد، إلا أن ذلك يتطلب أن يدرك القائد أيضا ما هي إحتياجات العاملين كأفراد وكمجموعات وما هي إحتياجات المنظمة التي يقودها. وعلى سبيل المثال إذا كانت ظروف المنظمة تحتاج إلى تعديل اللوائح التنظيمية أو إصدار أنظمة جديدة فهل هذه الأنظمة الجديدة ستكون مقبولة وفعالة بمجرد إصدارها أم تحتاج إلى الاجتماع بكبار العاملين ورؤساء الإدارات والمجموعات لشرحها لهم مع شرح الأهداف المتوقعة منها والغاية التي دعت إليها ومن ثم إقناعهم بها أو الاستعانة بآرائهم لجعلها أفضل ومقبولة، وهل إذا ما تم تعديلها ستحسن من أوضاع العاملين أو ظروف عملهم؟
4- التأكيد على دور الأفراد في تحقيق الأهداف: إن الأفراد العاملين في المنظمة يجتمعون معا على أهداف ومصالح مشتركة ومنها هدف الاستقرار في العمل والذي يدعو إلى أهمية تطور التنظيم وتحقيق النمو، ومن ذلك أيضا بعض القيم والمبادئ المشتركة كحب العمل في المنظمة التي توفر العمل الجماعي وتحترمه، واحترام أراء الآخرين، وتشجيع وتقدير المجتهدين. والقيادي الناجح هو الذي يستطيع توظيف مثل هذه الأهداف والمبادئ لجمع العاملين معا لخدمة أهداف المنظمة، وبالتالي عندما يدرك الأفراد أن رئيسهم متمكن من ما سبق فإنهم سيعطونه ثقتهم وسيعتمدون عليه لقيادتهم. ولا شك أن الشورى من أهم وسائل التأكيد على دور الأفراد.
5- التوقع الصحيح لمتطلبات الأفراد وحوافزهم: إن العاملين لديهم العديد من المتطلبات والحوافز التي تدفعهم للعمل والمثابرة والقيادي الناجح هو الذي يدرك إحتياجات العاملين كمجموعات وكأفراد أيضا. (وسيتم مناقشة الحوافز وهذه الاحتياجات لاحقا) إلا أنه يتعين ذكر ثلاث أسس رئيسية ينبغي للرئيس إدراكها وفحصها قبل إعطاء أي أوامر عمل للأفراد أو المجموعة:
• أن العمل المطلوب يعود بشكل إيجابي إلى نوع الحوافز التي
تعطى لمثل هذا العمل. (هل هذا العمل يستحق هذا العناء؟)
• أن الجهد المطلوب المتوقع سيؤدي لإنجاز العمل.(هل باستطاعتي مع الجهد الذي سأبذله تحقيق هذا العمل المتوقع في الوقت المتوقع، وبالكلفة المتوقعة؟)
• أن الأجر والحوافز تستحق بذل هذا الجهد. (هل الأجر والحوافز أو العائد المتوقع يستحق بذل هذا الجهد ؟)
إذا فان توقعات القيادي من متطلبات العاملين تبنى على دراسة:
- أن الجهد يوازي الحوافز.
- أن العاملين لديهم القدرة على الإنجاز (المهارات والخبرة).
- أن العمل المطلوب يستحق العناء ويعود على العاملين بالمنفعة
المتوقعة.
6- التصرفات والأدوار حسب المتطلبات: ينبغي للرئيس التصرف بدور
إيجابي مع العاملين وأن يقوم بدوره كما ينبغي ووفقا للحالات
والظروف المختلفة. أي أن الرئيس يكون إيجابي التصرف
ويكيف أدواره حسب متطلبات الظروف ليستطيع كسب القوة
اللازمة للإدارة من خلال ثقة المجموعة فيه ومنحهم إياه هذه
القوة.
ويجب كذلك تفهم أن هذه القوة مصدرها تنفيذ الشيء الصحيح وليس عمل الصح. أي التجاوب مع مقتضيات الظروف والأدوار بشكل صحيح وليس الالتزام بالأنظمة والتعليمات التزاما نصيا أو حرفيا وعلى سبيل المثال: توزيع وتنظيم العمل مع مجموعته بالشكل المناسب، وإعطاء التعليمات بشكل فاعل وواضح ومقبول وتقديم النصح والنقد البناء، والاهتمام بأمور العاملين ومصالحهم وما شابه ذلك. وعلى ضوء ذلك فإن الرئيس يجب أن تكون لديه الطاقة اللازمة والتزود بها بشكل مستمر وحيوي في كافة تصرفاته وأدواره.