في نهاية هذا الدرس سيتمكن للقائد من معرفة:
-
سنة الجهد البشري.
-
مرض الحب الإداري.
-
الشخصية الكاريزمية.
-
الصفات التي يجب توافرها لتصبح قائدا مسلما ناجحا عن الرسول عليه افضل الصلاة والسلام.
-
علاقة القائد بالاتباع.
-
هل يتساوى حق الرجل والمرأة في القيادة؟
ما هي سنة الجهد البشري؟
سنة الجهد البشري تنص أنه يجب أن نعمل ونعد و ننتظر الثواب والنتيجة من عند الله..
الله تعالى يستطيع بكلمة كن أن يسود الإسلام الأرض ولكنه شاء أن لا ينتصر الدين إلا بالجهد البشري..
قال الله تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ “ التوبة 105
وهذه أمثلة على ذلك نجدها في أفضل الخلق:
فمن أحب الخلق إلى الله؟
أليس هو محمد صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك محمد صلى الله عليه وسلم يترك ليمر بسنة الجهد البشري ويتعرض لمدة عشرة أعوام لأشد أنواع العذاب والاستهزاء وهو بعمر الأربعين.
فلماذا يسمح الله تعالى لقريش بإيذائه وهو قادر على منع ذلك؟ ولماذا يتركه في شعب أبي طالب ثلاثة أعوام حتى أكل ورق الشجر؟
تأملوا الآيات الكريمة, قال تعالى :- يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)
(ا
لمدثر)
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2)(المزمل)
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ(الشرح)
أمره عز وجل بالتحرك والعمل ليل نهار، ونبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم عمل بأمر الله على أكمل وجه. فكان يدعو الناس بالنهار وبتعبده بالليل ويشق على نفسه.
حتى قال له تعالى(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (الكهف)
ومع ذلك استمر بدعوة الناس سرا لثلاثة أعوام وعدد المؤمنين لم يتجاوز الأربعين!!!.
سيدتنا مريم رضي الله عنها ..
قال الله تعالى: ”فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً (23) فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً (25)“ مريم 23-25
أمرها الله وهي في أشد أنواع الألم والضعف أن تهز جذع النخلة وهي امرأة ضعيفة لا تقدر على هذا الجهد، ولكنها سنة الجهد البشري. عليك بعمل أي شيء حتى تنال مرادك..
سيدنا نوح عليه السلام أمره الله تعالى أن يصنع الفلك...ولم يكن صنع الفلك بالأمر الهين أبداً...كان على سيدنا نوح عليه السلام أن يعد الأرض للزراعة ثم يبدأ بزراعتها وينتظر أن يكبر شجرها لكي يحصل على الخشب الذي صنع منه السفينة التي كانت بدورها اختراع جديد في هذا الزمان, ليس هذا فقط بل وقد تحمل سيدنا نوح ومن آمن معه أذى وسخرية الكافرون منه حتى كافأه الله تعالى بالنصر يوم غرق الكافرون.
سيدنا موسى عليه السلام ..عندما أمره الله أن يضرب بعصاه البحر.. الله سبحانه كان سيشق عليه البحر سواء أضرب أم لم يضرب ..
إنه منهج أصيل يطبق على كل البشر..يجب أن تفعل شيئا حتى ولو لم تكن له علاقة بالنتائج ابذل ما تستطيع..ابذل ما تستطيع وكن مقتنعا أن عملك ليس هو الذي سيؤدي إلى النتائج..وإنما النتائج من رب العالمين..
لماذا لم يأمرنا الله بالعبادة والإخلاص له فقط؟
لأن هذا ينافي الإسلام..لأننا مأمورين ببذل الأسباب المادية والمعنوية..والتخطيط والتنفيذ..وأن لا نتوكل عليها وإلا توكلنا على غير الله وأشركنا..
يقول العلماء: (ترك اتخاذ الأسباب معصية) و (التوكل على الأسباب شرك)!!!!
كما يفعل بعض العلمانيين الذين يفصلوا الدين عن الدنيا واقتنعوا أن النهضة تقوم على العلم المادي والتبعية للغرب..
نحن أمة لا نعز إلا بالإسلام..وإن طلبنا العزة في غيره أذلنا الله
هل سمعت بمرض الحب الإداري؟
إنه مرض على حساب الضمير.. فهو ضمير مستتر تقديره المنفعة والمصلحة والغطرسة والتكبر والغرور والتسلط والعبودية والظلم وحمية الجاهلية.. هذه كلها وقائع نشاهدها يوميا.. وأتساءل وفي نفسي الأسى والحزن وكلي عطف وشفقة عن إداري هذا الزمن المتردي.. فهمهم الوصول لكرسي الإدارة بكل ما عندهم من حيل وخدع واللجوء لشتى أنواع الواسطة لكي ينالوا مركزا أو منصبا.. ويتناسى مرضى الإدارة هؤلاء القول الحكيم:
"وليت عليكم ولست بخيركم..فإن رأيتم مني اعوجاجا فقوموني"
وتناسوا أيضا مقولة الفتاة التي خاطبت أمها وهي تهم بخلط الحليب بالماء..قالت الفتاة لأمها :
إذا كان عمر لا يرانا فإن الله يرانا!!
هل تعتقد أن الشخصية الكاريزمية كما يقال ضرورية للقائد؟
من الذين تحدثوا في موضوع القيادة بعمق بيتر دراكر وهو من أكبر علماء الإدارة وقال لقد تعاملت مع كل أنواع القادة..والقضية الوحيدة التي وجدت أنهم لا يحتاجونها هي الكاريزما.
القائد الفعال ستحدث له كاريزما أما الكاريزما وحدها لا تصنع قادة فهذه المسألة لو تأملنا فيها ونظرنا فيها بعمق سنجد أنه بإمكاننا أن نبني قادة دون أن نحرص على الشخصية الجذابة.
هذه ستأتي مع الأيام ومع التدريب..
ما هو الحد الأدنى من الصفات التي يجب أن تتوفر حتى يكون الإنسان قائداً إسلامياً ناجحاً؟
* أن يكون ذو رؤية وهدف.
[*]
له قدرة على التأثير في الناس وتحريكهم نحو الهدف.
[*]
يعرف من حوله (يعرف إن كان هذا يصلح لكذا وهذا لا يصلح).
[*]
أن يكون متوازناً في الحياة,العقل,الروح,الجسد,العاطفة, فكلما كان متوازناً..كلما كان قائدًًًا فعالاً.
[*]
يؤمن بالتوحيد الصحيح بلا انحراف.
[*]
متبعاً للمصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ولا يكون مبتدعاً.
[*]
عنده قيم وأخلاق يمارسها على نفسه وعلى أهله ومن له ولاية عليهم.
[*]
يؤمن بالاستخلاف،[B] قال تعالى
”وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً “ البقرة 30
[*]
هذا هو دورنا أن نعمر الأرض كل الأرض ونعمرها بإتقان وسلام واطمئنان للبشر..
علاقة القائد بالأتباع:
قال نابليون : جيش من الأرانب يقوده أسد خير من جيش من الأسود يقوده أرنب..
وقال بلانك: القائد يكون قائداً عندما يكون لديه أتباع..
نحن في العالم العربي أعجبتنا مقولة نابليون فبدأنا نمارسها وصارت الشعوب مدجنة..وما عاد للإنسان رأي وتكونت الديكتاتورية الحاكمة..ولو تعمقنا بمقولة نابليون..لوجدنا أن جيش من الأسود يقوده أسد أفضل..ونستدل على ذلك من تعامل القائد المربي الأمين محمد رسول الله صلوات الله عليه مع أصحابه الكرام.. سوف نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الصحابة ما ربى جنود بل ربى قادة ، الرسول عليه الصلاة والسلام تعامل معهم على أنهم أسود بمعنى أن لهم رأي ولهم مواقف و يشاركون في صنع القرار و كمثال على ذلك في غزوة بدر حينما نزل النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل في مكان معين جاءه رجلاً لم يكن قائد في الجيش ولكن جندي هو الخباب ابن المنذر رضي الله عنه، قال: "يا رسول الله أهذا منزل أنزلك الله (أي إذا كان وحي فلا يد لنا فيه ولا اعتراض) أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟"
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. قال: فما هذا بمنزل.
فقام النبي صلى الله عليه وسلم وغيّر مكان الجيش الذي اختاره هو وغير الخطة كلها بناءاً على اقتراح وجيه جاءه من جندي ولذلك فإن الصحابة رضى الله عنهم قد تشربوا هذا المعنى..
وإذا أردنا تطبيق نظرية بلانك..سنجدها غير صحيحة
قال تعالى "إنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ" القصص56.
إذا كانت القيادة هي فقط تحريك الناس في قضايا عملية لا توجد مشكلة، لكن إذا كانت القضية أني أريد أن أغير فكر فقد لا يقتنع الناس بفكري مع أن فكري صحيح.
النبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة عدد الذين أسلموا مائة وخمسون فقط في ثلاث عشرة سنة.
سيدنا نوح عليه السلام ظل يدعو تسعمائة وخمسين سنة و أسلم ثمانون فقط.
وقال تعالى "وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ" هود 36
كوننا نحمل فكر صحيح ليس معناه بالضرورة أننا سنستطيع أن نغير الأمة، إذا الأمة ما استجابت لن نغيرها