كيف يدير العريف الطليعة
كثيرا ما يزعم فريق من القادة أنهم عينوا عرفاء الطلائع وفقا لرغبات "بادن باول" لكنهم لا يلبثون بعد مضي مرحلة قصيرة أن يروا عكس ذلك لفشل هؤلاء العرفاء فيما انتدبوا له.
ولا يسعنا تجاه هذه الظاهرة إلا أن نعيد بأن على القائد منذ بدء الطريق أن يعمل بروية جدا ليختار الصفوة من الفتيان لقوموا على تدبير شؤون الطلائع أحسن قيام.
ومن أدق الأمور التي يجب أن يراعيها القائد المجرب هو أن يفرق بين الفتى ـ النظري ـ الذي لا يمكن أن يأتي بأي أثر مشكور حين يناط به العمل وبين أخر لا يقف عند ـ النظريات ـ بل يتعداها إلى التطبيق فيعتمده لقيادة الطليعة.
وإذا صعب على القائد إيجاد الشخص الذي تتوفر فيه هذه الصفات فليعمل على إيجاده بأن يسهل للفرد الذي يلحظ فيه الإمكانية دروسا في مختلف المواضيع التي تكتسب بفضل التجارب الشخصية وبالنصح والتدريب ثم المطالعة.
ومن المستحسن إيجاد مكتبة خاصة تساعد الأشخاص ليكونوا عرفاء حقيقيين, تحوي مقدارا من الكتب الكشفية, ككتاب الكشفية للفتيان وكتبا تخصص بحوثها بالإسعاف, والمخابرات والتخييم وأخرى تجمع بين دفتيها مجموعة ألعاب كشفية, وغيرها تتكلم عن الدرجات ومطالب الأوسمة وبعضا من الكتب الأخلاقية التوجيهية يختارها القائد ويقر صلاحها, هذا مع العلم بان القائد لا يمكن له أن يكون دائرة معارف لهذا يجب ألا يستنكف عن أن يستشير معارفه في الأمور التي يجهلها وقد قال " بادن باول" "ليست مهمة القائد تعليم أفراده بل مهمته أن يعرف كيف يغرس حب الإطلاع في نفوسهم " وإن تعويد القائد الأفراد على حب الصراحة في كافة أمورهم لهو من أجل الخدمات التي يسديها إليهم.
يحكى عن عريف طليعة أنه التبس عليه الأمر مرة في كيفية إحكام ربطة عقدة الكرسي ولم يجرأ على أن يتقدم من قائده مستفسرا خشية أن يسخر منه فظل حينا يتأرجح بين إقدام وإحجام حتى غلب عليه أخيرا فآثر الإحجام.
فما رأينا إزاء ذلك القائد؟ وهلا يحق لنا أن نوقع التبعية عليه: يمكن. وقبل أن نأتي على ختام هذا الفصل نقول: أن الدروس التي يتلقاها ـ عادة ـ العرفاء يجب أن تحضرها, فئة المعاونين الذين يقومون في كثير من الأوقات مقامهم, ويجب أن ننتبه إلى أن الأشياء التي يتحتم على هؤلاء القادة الناشئين أن يلموا بها ألا تكن مرتكزة على محض النظريات في الكشفية, بل المطلوب منهم أن يخرجوها إلى حيز التطبيق العملي, وليشكل القائد في بدء هذه المرحلة طليعة يكون قوامها عدد من العرفاء ومعاونيهم وليتسلم هو إدارة دفتهم ولينهج معهم أساليب التخصص في موضوع ما: مطالب الدرجة الأول, التخييم, علما النبات, علم الحيوان, الأوسمة .. الخ وذلك ليهيئ لهم الاستعداد الكافي من اجل تثقيف أفرادهم فيما بعد, وأنه من الضروري أن تعتبر رتبة عريف الطليعة بمثابة مرحلة تحضيرية للقيادة في المستقبل.