اساليب تطبيق المناهج الكشفية
تهدف المناهج الكشفية إلى إعداد الكشاف للحياة ليكون مواطنا مسؤولا نافعا لنفسه ولغيره بتكوينه تكوينا شاملا من خلال ممارسة الحياة الكشفية، وتعدّ الكشفيّة من أبرز المدارس التربوية التي تعنى بتكوين الفتية والشباب وتساعدهم على اكتشاف قدراتهم...فتميّزت عن غيرها من المدارس بفضل ما توظفه من أساليب تربوية عملية تتماشى ومراحل النمو والخصائص النفسية والاجتماعية لكل مرحلة.
فما هي أساليب تطبيق المناهج التربوية حسب كل مرحلة؟
الأسلوب لغة هو الطريق وهو الطريقة والمذهب وهو الطابع وطريقة الكاتب في الكتابة وهو عند الفلاسفة كيفية تعبير المرء عن أفكاره و يقال لكل أسلوبه ونقول أسلوب مشوّق أو ممّل.
أمّا في حقل التربية فقد ورد في معجم علوم التربية أن الأسلوب التربوي خاص بشخص المربّي وعمله خلال تعامله مع التلاميذ داخل القسم وتتداخل في تحديد هذا الأسلوب ثلاثة مفاهيم هي : الأسلوب الشخصي ويتعلق بالمجال المعرفي للمربي( أسلوب معرفي، مواقف، حوافز،) والأسلوب العلائقي ويتعلق بالجانب النفسي الاجتماعي ( تفاعلات، علاقات، مناخ التعامل، تمثلات، تكتيك، ...) وأخيرا أسلوب ديداكتيكي أو بيداغوجي ويتمثل في ( الوسائط، الطرائق، التقنيات، تنظيم المادة ، أشكال التجميع، أسلوب تخطيط الدرس)
ومجمل القول فإن الأسلوب هو الكيفية التي يقدم بها المربي ( القائد) المحتويات التربوية ( المناهج) ....
ولعل ما ميّز الحركة الكشفية وضمن بقائها ومنحها ذلك السحر الخالد هي أساليبها الفريدة التي شدّت وتشدّ المنسبين إليها قديما وحديثا.
ومن البديهي أن تختلف هذه الأساليب وتتنوع تنوع البيئة والخصائص العمرية لكل مرحلة، وسوف ننطلق من الخصائص النفسية لكل مرحلة لنبين الأساليب التي تتوافق معها.
أساليب تطبيق المنهاج التربوي لقسم الأشبال
يوافق قسم الأشبال من 8 إلى 12 سنة مرحلة الطفولة الثانية التي تتميز أساسا بسرعة النمو لذا تتضاعف اهتمامات الطفل الفكرية وتبرز الرغبة في تحقيق الذات والتثبيت والسؤال ويصبح خيال الطفل متدفقا فياضا...
لذا ينتظر الشبل من الكشافة أن تحقق له :
- اكتساب المهارات الجسمية والفكرية التي تمكنه من اكتشاف محيطه الاجتماعي وتوسيع مجالات علاقاته مع الأصدقاء، ويكون ذلك من خلال أساليب الألعاب والمباريات والألعاب الفكرية والزيارات
- تعلم مشاهدة الطبيعة ومقارنة المجموعات المتشابهة كالحشرات والنباتات والأشياء من خلال أسلوب التجارب العلمية المشوقة والمبسطة التي تقرب الظواهر إلى الطفل وتجعلها في مستوى الإدراك الحسي لديه.
- كما يحتاج الشبل إلى الكثير من اللعب والركض والقفز والصياح وأن يتعرف باللمس على كلّ شيء وأن يكتشف الفضاء المتسع والأصوات و الكلمات ويكون ذلك عبر ألعاب الملاحظة واكتشاف الفوارق والتركيب والتحليل البسيط.
- وإشباعا للأسئلة الكثيرة التي تلامس خياله والتي تتعلق بالخلق والخالق والحياة والموت والنجاح والإخفاق والمحبة والأخلاق... لا بدّ للقائد من تقديم هذه المعلومات في شكل قصص مسلية أو تجارب مشوقة تبسط المعلومة وترسيخ قيم المحبة والسلم ... من خلال الأناشيد التي تتغنى بالطبيعة والأم وعظمة الخالق... فيجيب بذلك على أسئلته بكل صدق مراعيا قدراته الذاتية على الفهم والاستيعاب
- ويرى الشبل في قائده الصورة المثالية التي تجمع بين العناية والوعي والمعرفة وعلى القائد أن يكون امتدادا للعطف العائلي الذي يعوض الشبل غياب والديه. ويمكن للقائد ذو الشخصية المتوازنة إذا كان محبوبا ومتفهما أن يصبح للشبل أنموذجا يحتذى فيقلده ويتقمص منه السمات والسلوكات ويتعلم منه المعارف ويجعل منه العوض والبديل عن الأب الغائب أو المشغول.
- ومن الضرورة بمكان تعويد الشبل على العادات الصحية التي تتعلق بالنوم والأكل وتنظيف الأسنان وترتيب اللباس والمظهر. خلال المخيمات خاصة أنّه من الأهمية بمكان أن ينوع القائد في هذه المرحلة من أساليب التنشيط الفردية منها والجماعية فيجعل من فضاء الوحدة فضاء فسيحا يتعلق به كل شبل بما فيه من فرص متاحة للعب والمعرفة والترفيه.
- وما ننصح القائد بتجنبه في هذه المرحلة هو الإكثار من الممنوعات والحواجز والحدود بل عليه في مقابل ذلك أن يمكن الشبل من منهجية الملاحظة والمشاهدة والمقارنة والوصف والبحث والتفكير وأن يدفعه ليتعلم بذاته كيف يتمكن من توسيع دائرة معارفه كما عليه أن يحذر كل الأساليب التي تؤدي إلى طمس الشخصية بالتسلط وفرض الانضباط المفرط والمملّ والتحجر الأعمى لكل المبادرات أو بالسخرية المباشرة أو بإتاحة الفرصة للغير للسخرية من الشبل.
- يجب أن نعتقد دائما أنّ الشبل يحمل معرفة وانه بإمكانه أن يعلمها غيره من الأشبال بل أن نكون دائما على استعداد نحن القادة كي نتعلم منه.
- كما يجب أن نكون يقضين متفطنين إلى الاهتمامات الخاصة التي يجب احترامها وتوجيهها عبر أسلوب شارات الهوايات.
أساليب تطبيق المنهاج التربوي لقسم الكشافة :
توافق هذه المرحلة الممتدة من 12 إلى 18 سنه ( كشاف وكشاف متقدم) مرحلة المراهقة. وما قبل المراهقة
- فعلى القائد في هذه المرحلة أن يحرص على إقامة علاقات مميزة مع الكشاف ويساعده على فهم ما يحدث بالاستماع إلى مشاكله وصعوباته حتى يتكيف مع محيطه ومجتمعه.
- فيمكنه من تحمل المسؤوليات في البحوث والخرجات و داخل الفرقة والطليقة بما يكسبه تجربة مناسبة تعلمه الاعتماد على النفس وتمكنه من الثقة في قدراته ومواهبه فتعدّه للحياة.
- فالكشاف يحتاج في هذه المرحلة إلى حب نفسه وحب الآخرين له وانتسابه للجماعة وهو ما يجده في الفرقة والطليعة من خلال القيام بالبحوث والمساهمة في التنشيط وتنظيم الخرجات والمخيمات والألعاب الجماعية.
- ويبرز بصورة واضحة ميله إلى الاعتماد على النفس وحبه للمغامرة لذا كانت أنشطة الاستكشاف والمغامرة والتسلق والمسالك الصعبة واقتفاء الأثر من الأساليب الضرورية في هذه المرحلة
- وإجابة على التساؤلات الوجودية التي يطرحها الكشاف يقع توجيهه عبر أسلوب حضور الحفلات والندوات والنقاشات وممارسة شارات الهوايات وتشجيعهم وتوجيههم إلى الإطلاع على الكتب العلمية والدينية التي تغرس في نفوسهم الفضائل والقيم والسلوك السوي وتساعدهم عن تقديم الإجابات العلمية عن تساؤلاتهم.
- ويعتبر أسلوب التباري والتسابق من أنجع الأساليب في هذه المرحلة نظرا لحب الكشاف للتميّر والبروز والفوز في المنافسات إظهارا للقوة والرجولة ... فنجعل هذه المباريات بين الطلائع ومن خلالها نحث الكشافين على حفظ الآيات والأحاديث أو حذق العقد والمرافق والتباري في نماذج أعمال الريادة.
- كما يختار القائد الأناشيد الحماسية والبطولية المتغنية بالقيم الوطنية التي تعزز الثقة بالنفس وتحث على البذل والتقدم ويشجع الكشافين على وضع الأناشيد حسب المناسبات.
- ويعتبر أسلوب زيارات المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية والعلمية أحسن نشاط للتعرف على هذه المعالم والاعتزاز بالانتساب لهذا الوطن. مثله مثل الاحتفال بالمناسبات الدينية والوطنية الخالدة.
- وإشباعا لخاصية النمو البدني في هذه الفترة لا بدّ من إدراج أنشطة حركية ضمن اجتماعات الطلائع والفرقة والاشتراك في منافسات رياضية بين الفرق، وتشجيع الكشافين للحصول على شارات الهوايات الرياضية خاصة التي ترفع من مستوى لياقتهم البدنية.
- يجب أن نتيح الفرصة قدر الامكان للفتى أن يتولى تنظيم شؤونه في المخيم لتطبيق مهاراته التي اكتسبها أثناء التدريب الكشفي وأن نحمله المسؤولية المباشرة في التنظيم والإعداد والتنفيذ للمخيمات وغيرها من الأنشطة ومعرفة عوامل النجاح والعوامل التي قللت من فرص النجاح.
أساليب تطبيق المنهاج التربوي لقسم الجوالة :
يكون الجوال عادة قد أدرك نهاية فترة المراهقة وبدأ الدخول في سن الرشد بعد أن استكمل نموه الجسمي وربما العاطفي والفكري والاجتماعي...
- فتكون الدوافع القيادية شبه مكتملة، وتبدو واضحة رغبته في العطاء ومساعدة الآخرين وهي دوافع ترتبط بالقوة المكتسبة في الجسم والثقة القارة في النفس. فتراه مستعد للقيام بدور القائد المسؤول.
- ومن ثم وجب أن نفتح الباب على مصراعيه أمام الجوالين لإبراز مواهبهم وطاقاتهم الإبداعية من خلال اختصاصات الرهوط وتنظيم المعارض واللقاءات وحثهم على تنظيم الندوات وإقامة المشاريع.
- أن مرحلة الجوالة من أدق المراحل في التأطير الكشفي تقتضي أن يتوخى القائد الأسلوب الديمقراطي بما يتماشى مع قدرة الجوالين على الفهم والنقد والتحليل والمقارعة بالحجج والتفطن إلى هفوات القائد ونقائصه فيصعب انضباطهم لكن في مقابل ذلك نجد لديهم قدرة على العطاء لا حدّ لها
- ودور القائد هنا هو تشجيع الجوالين على المبادرة وتسهيل مهامهم بالتحمس لأفكارهم ومساعدتهم على توفير ما يطلبونه والعمل سويا على توفير المسالك الكفيلة بتحقيق ذلك. حتى لا يمل الجوالون ولا يكلون فيضطرون ربما إلى الهروب إلى هياكل اجتماعية أخرى تلبي احتياجاتهم وتوفر لهم فرصا أكثر.
ومجمل القول فان أساليب تطبيق المناهج الكشفية كثيرة ومتنوعة ولا ندعي أننا قمنا بضبط قائمة تفصيلية فيها وإنما أوردنا بعض الأمثلة لما يمكن أن يتوخاه القائد من أساليب حسب طبيعة كل مرحلة ( قسم) ويبقى باب الاجتهاد مفتوحا على مصراعيه أمام القائد الكفء لابتكار الأساليب المشوقة المتماشية مع خصائص الفتية واحتياجاتهم في إطار مبادئ الحركة الكشفية وتحقيقا لهدفها.